كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

يعني أن رأى الأصوليين عند جهل المتقدم من القول والفعل مختلف فمنهم من يرجح القول لأنه أقوى دلالة من الفعل لوضعه لها والفعل إنما يدل بقرينة لأن له محامل فلابد من أمر يعين بعضها ولأنه أعم دلالة من الفعل إذ يعم الموجود والمعدوم والمعقول والمحسوس بخلاف الفعل فإنه يختص بالموجود المحسوس ولأن دلالة الفعل متفق عليها ودلالة الفعل مختلف فيها، والمتفق عليه أولى بالاعتبار وقيل يرجح الفعل لأنه أقوى في البيان بدليل أنه يبين به القول وقيل بالوقف عن ترجيح واحد منهما، على الآخر في حقه لاستوائهما في احتمال تقدم كل منهما على الآخر ولا تعارض في حقنا حيث دل دليل على تأسينا به في الفعل لعدم تناول القول لنا قوله: مرجح بكسر الجيم.
والقول أن خص بنا تعارضا ... فينا فقط والناسخ الذي مضى
أن بالتأسي أذن الدليل ... والجهل فيه ذلك التفصيل
يعني أن القول والفعل يتعارضان في حقنا دونه صلى الله عليه وسلم إذا كان القول خاصا بنا كان قال يجب عليكم صوم عاشوراء في كل سنة وأفطر فيه في سنة بعد القول، أو قبله، وإذا تعارضا في حقنا فالناسخ هو الذي مضى أي تقدم ذكره وهو المتأخر إذا علم وتعارضهما في حقنا مشروط بأن يدل دليل على وجوب تأسينا أي اقتدائنا به في الفعل فلا معارضة بينهما في حقنا، والتعارض بين شيئين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما مقتضى الآخر أو بعض مقتضاه، قوله: والجهل الخ يعني أنه إذا جهل المتأخر منهما كان فيه التفصيل المتقدم من ترجيح بعض القول وبعض للفعل وذهاب بعض إلى الوقف
وإن يعم غيره والاقتدا ... به له نص فما قبل بدا

الصفحة 20