كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

الحذر عند قولهم كان قولهم حجة وقياسا على الفتوى والشهادة واستدلوا على وجوب العمل بخبر الآحاد بالإجماع السكوتي فإن الصحابة استدلوا بخبر الواحد وعملوا به وشاع ذالك عندهم من غير نكير وحجته من جهة العقل أنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الأحكام المروية بالآحاد وهي كثيرة جدا ولا سبيل إلى القول بتعطيلها قال في الآيات البينات وذلك لأنا نقطع بأن الشارع شرع الواجبات مثلا على أنه يجب اعتقاد وجوبها والعمل بها فلو لم يجب العمل بخبر الآحاد التي اقتصر على بعثها فأتت الفائدة التي قصدها بشرع الأحكام هـ ومن قال أنه واجب بالشرع استدل بالآيتين والإجماع السكوتي لأن الدليل إذا كان بعض مقدماته نقليا كان نقليا كما هو مقرر عند أئمة الكلام وغيرهم والدليل العقلي لابد أن تكون مقدماته كلها عقلية والمراد بالعمل به اعتقاد ما دل عليه من الأحكام الخمسة وحبس النفس على ما دل عليه من فعل فقط أو ترك فقط أو إرسالها في الفعل والترك مع رجحان أحدهما أو استوائهما.
وما ينافي نقل طيبة منع ... إذ ذاك قطعي
يعني أن خبر الواحد إذا تعارض مع ما نقله جميع مجتهدي المدينة من الصحابة أو التابعين فإن مالكا منع العمل بخبر الواحد فيقدم عليه نقل أهل المدينة اتفاقا عندنا لأنه قطعي وسواء في ذلك ما صرحوا بنقله عنه صلى الله عليه وسلم وما كان له حكم الرفع بأن كان لا مجال للرأي فيه قوله منع أي منع العلم بالخبر المذكور المعارض للنقل المذكور وهذا من باب تقديم المتواتر على الآحاد حتى لو وجد ذلك في غير أهل المدينة لكان الحكم كذلك

الصفحة 39