كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

وأما المبتدعون فقد قبل الشافعي روايتهم وهم أرباب الأهواء إلا الخاطئة من الرافضة لتجويزهم الكذب الموافقة مذهبهم ومنع القاضي من قبولها لأنهم بمخالفتهم القاطع يندرجون في قوله تعالى "إن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا" ولأن قبول روايتهم ترجيح لبدعتهم ومظنون الفسق هو معتقد الصواب لدليل عنده كالمخالف في الفروع، والي قول القاضي هذا أشرنا بقولنا: أو مطلقا، أي يرد مرويه مطلقا أي سواء دعا إلى بدعته أم لا، واختاره الابياري وتلميذه ابن الحاجب وعزى للأكثر وقيل يرد إن كان المبتدع من الداعين إلى بدعتهم إذ لا يؤمن أن يضع الحديث على وفقها وعزاه السبكي لمالك ورجحه ابن الصلاح وتبعه في ترجيحه النووي ناقلين له عن كثير أو الأكثر ونقل ابن حبان اتفاق أئمة الحديث على رد رواية الداعية ويقبل إن لم يكن داعية إذا كان يحرم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم لا منه فيه مع تأويله في الابتداع إذا كان لا يكفر ببدعته وقيل يقبل المبتدع دعا إلى بدعته أم لا، إذا كان يحرم الكذب ولم يكفر ببدعته، وقد روى البخاري وغيره عن جماعة من المبتدعة وثوقا بصدقهم ومذهبنا عدم قبول شهادة المبتدع دعا أم لا قاله حلولوا.
(كذا الصبي)، يعني أن الصبي المميز لا تقبل روايته إذا كان معروفا بالصدق والصلاح نظرا إلى غالب أحوال الصبيان لأن الصبي لعلمه بعدم تكليفه لا يحترز عن الكذب فلا يوثق به وهذا قول الأكثر وهو الصواب وقيل يقبل نظرا إلى خصوصية الحال إما غير المميز فلا يقبل اتفاقا كالمجنون وكذا الصبي المعروف بالكذب وسوء الحال.

الصفحة 46