كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

يعني إن الأصوليين اشترطوا في غير الحديث المتواتر أن يكون راوية عدل الرواية وهو المذكور في بيتين لابن عاصم بعد هذا البيت وهما قوله والعدل الخ يعني أن عدل الرواية هو من يجتنب كل كبيرة قلبية كانت أو بدنية كالزنا وشرب الخمر وكتمان الشهادة دائما ويتقى الصغائر في غالب الأحوال والنادر لا يعتد به إذ قد تقل السلامة منه ويتقى كل فرد من المباحات الخادمة للمروءة وهي كل ما يثين عرفا كالبول في الطريق والأكل في السوق لغير سوقي ومعاشرة الارذال وسخف الكلام المؤدي إلى الضحك والحرف الدنيئة كالدباغة اختيارا لا اضطرارا ولا لقصد كسر النفس فلا تقدح، وقيد خليل الصغائر التي تقدح بكونها صغائر خسة وعليه فلابد أن يجتنب كل فرد منها فبفعل فرد منها أو من الكبائر تنتفي العدالة فصغائر الخسة كتطفيف حبة وسرقة لقمة بخلاف صغائر غيرها ككذبة لا تضر مسلما ونظرة إلى أجنبية فلا يضر النادر منه واجتناب ما ذكر من الكبائر وما عطف عليه لابد أن يكون ملكة بالتحريك أي هيئة راسخة في النفس وهي التي لا تزول أصلا أو إلا بعسر قاله السبكي ونحوه لبعض المالكية كالابياري وهو شيخ ابن الحاجب وكالفهري فمن لم يحصل ذلك له ملكة لا يكون عدلا عندهم قال حلولوا وفيه نظر واعترضه أيضا في الآيات البينات بأن ظاهر كلام الفقهاء عدم اعتبار الملكة وأنه يكفي في تحقق العدالة بالنسبة للشهادة وغيرها مجرد اجتناب الأمور المذكورة هـ:
وذو أنوثة وعبد والعدا ... وذو قرابة خلاف الشهدا
الشهداء جمع شهيد، ذكر في هذا البيت ما تفرق فيه عدالة الرواية وعدالة الشهادة وهي اشتراط الذكورة في الشهادة في غير

الصفحة 50