كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

تكلم في هذا البيت على الفرق بين الرواية والشهادة وهو مما تشتد الحاجة إلى معرفته في الفقه وأصوله لافتراقهما في بعض الأحكام، قال القرافي أنه أقام أربع سنين يتطلب الفرق بينهما حتى ظفر به في شرح المازري للبرهان لإمام الحرمين في الأصول ثم ساق معنى ما ذكره السبكي بقوله الإخبار عن عام لا ترافع فيه الرواية وخلافه الشهادة وعرفت أنا الشهادة بأنها الإخبار عن خاص ببعض الناس يمكن الترافع فيه إلى حكام الشريعة، والرواية غير ذلك وهو الإخبار عن عام أو عن خاص لا يمكن الترافع في كل منهما إلى حكام الشريعة.
مثال الأول حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، ومثال الثاني كقوله صلى الله عليه وسلم "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" وقوله في أبي بردة: "ولن تجزئ عن أحد بعدك" يعني العناق ومن ذلك الأحاديث المثبتة لخصائصه صلى الله عليه وسلم وكذلك الإخبار عن زيد مثلا بأنه فعل كذا أو حاله كذا رواية لأنه إخبار عن خاص لا يمكن الترافع فيه وأورد على تعريف الشهادة بما ذكر أنه غير مانع لتناوله الدعوى والإقرار وأجيب بأنه تعريف بالأعم. وقد أجازه الأقدمون وبأن الغرض تمييز الشهادة عن الرواية وهو حاصل بما ذكر لا عن غيرها مطلقا فلا يتوجه إنه لا يميزها عن الدعوى والإقرار إذ الواجب في التعريف تمييز المعرف بالفتح عما قصد تمييزه عنه لا عن جميع ما عداه مطلقا قاله في الآيات البينات، فعرف أن الدعوى والإقرار ليسا رواية ولا شهادة وأورد على تعريف الشهادة أنه غير جامع لعدم تناوله ما لو كان المشهود به عاما كالوقف على جميع المسلمين فإن كل من منع من تناول الوقف ساغ له رفع الأمر إلى الحاكم

الصفحة 57