كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

والدعوى بأن هذا وقف على عموم المسلمين وأنا منهم فاستحق وهذا يمنعني حقي وقد أجاب عنه في الآيات البينات بما رجع إليه بالإبطال وقول المحلي ونفى الترافع فيه لبيان الواقع معناه أن الإخبار عن عام لا يمكن الترافع فيه أبدا وهو مردود بما رأيت فالصواب أنه للاحتراز والضابط للإخبار بالحقوق أن الإخبار إن كان بحق للمخبر بالكسر على غيره فهو الدعوى أو لغير المخبر عليه فهو الإقرار ولغيره على غيره فهو الشهادة:
والصحب ... تعديلهم كل إليه يصبو
أي يميل أي يقول به يعني أن أصحابه صلى الله عليه وسلم ذهب كل السلف إلى كونهم كلهم عدولا فلا يبحث عن عدالتهم في رواية ولا شهادة لأنهم خير الأمة قال صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني" رواه الشيخان وقد زكاهم الله تعالى بقوله: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس" بناء على أن المراد من هاتين الآيتين الصحابة فقط وعليه أكثر المفسرين ولا تعديل مثل تعديل الله تعالى ورسوله وما جرى بينهم فهو بالاجتهاد وكل مجتهد مصيب أو المصيب واحد والمخطئ معذور غير آثم ومن طرأ له قادح مثل زنى أو سرقة عمل بمقتضاه إذ ليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم واستحالة المعصية عليهم بل المراد أنه لا يبحث عن عدالة واحد منهم فإذا قيل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا كان حجة كتعيينه باسمه، واستشكل الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم "خير أمتي قرني" لشموله غير الصحابة من قرنه ويؤيد إرادة الشمول قوله في الخبر

الصفحة 58