كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

الآخر: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" فإن أثبت الحكم بالخيرية العدالة بمعنى أنه لا يبحث عنها في شهادة ولا رواية لزم إثباتها كذاك لغير الصحابة من أهل قرنه ولأهل القرنين الآخرين وليس كذلك فلا يثبت المطلوب قال في الآيات البينات اللهم إلا أن يجاب بأن الخيرية تقتضي ذلك إلا ما خرج لدليل وقد دل الدليل على عدم ثبوت العدالة بالمعنى المذكور لغير الصحابة وأنه لابد من البحث ولم يدل على ذلك بالنسبة للصحابة فأخذ فيهم بقضية هذا الدليل هـ.
تنبيه معرفة عدالة الصحابة تشتد الحاجة إليها لأنهم نقلة الشريعة فلو لم تثبت عدالتهم لم تثبت عندنا الشريعة بحال وإذا كانوا كلهم عدولا اشتدت الحاجة أيضا إلى معرفة كل واحد منهم فجزى الله المدونين في جمعهم خيرا كابن عبد البر صاحب الاستيعاب وابن حجر صاحب الإصابة:
واختار في الملازمين دون من ... رءاه مرة إمام مؤتمن
يعني أن ما تقدم من تعديل كل الصحابة بناء على تفسير الصحابي بأنه من رءاه ولو مرة هو غير ما اختاره إما مؤتمن وهو القرافي من أن معنى قول العلماء الصحابة عدول يريدون به الذين كانوا ملازمين له صلى الله عليه وسلم المهتدين بهديه وهذا هو أحد التفاسير للصحابة وقيل الصحابي من رءاه ولو مرة وقيل من كان في زمانه وهذان القسمان لا يلزم فيهما العدالة مطلقا بل فيهم العدل وغيره بخلاف الملازمين له عليه السلام وفاضت عليهم أنواره وظهرت عليهم بركته وآثاره وهم المرادون بقوله عليه السلام أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم هـ كلام القرافي.

الصفحة 59