كتاب نشر البنود على مراقي السعود (اسم الجزء: 2)

أي العزم على الشيء وبين الاتفاق، وفي الاصطلاح: اتفاق مخصوص وهو اتفاق مجتهدي أمة الإجابة بعد وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في عصر علي أي أمر كان.
والمراد بالاتفاق الاشتراك في الاعتقاد أو القول أو الفعل أو السكوت عند القائل بأنه إجماع أو في القدر المشترك بين الأربعة أو ثلاثة منها أو اثنين. قولنا في عصر هو المراد بقولنا وأطلقن في العصر، فلا يختص بعصر الصحابة وكذلك المراد من قولنا والمتفق عليه بالجر عطفا على العصر أنه يكون في أي أمر كان، أي سواء كان إثباتا أو نفيا شرعيا أو لغويا أو عقليا أو دنيويا، والمعتبر في الإجماع في كل فن أهل الاجتهاد في ذلك الفن وإن لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره، فالعبرة في مسائل الكلام مثلا بالمتكلمين وإن لم يكونوا مجتهدين في غير الكلام ولا أثر للإجماع في العقليات عند إمام الحرمين لأن المعتبر فيها الأدلة القاطعة فإذا انتصبت لم يعارضها شفاق ولم يعضدها وفاق، واحترز عن اتفاق المجتهدين من الأمم السابقة فإنه وإن قيل إن إجماعهم حجة كما هو أحد المذهبين للأصوليين فليس الكلام إلا في الإجماع الذي هو حجة شرعية يجب العمل بها الآن وذلك وإن وجب العمل به فيما مضى على من مضى فقد انتسخ حكمه منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا بناء على أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا.
(فالالغا لمن عم انتقى)، بفتح عين عم وبناء انتقى المفعول بمعنى اختير، يعني: إن المختار إلغاء العوام عن الاعتبار في الإجماع فلا يعتبر وفاقهم للمجتهدين بل المعتبر اتفاق المجتهدين فقط لإجماع الصحابة على عدم اعتبارهم وبه قال مالك والمحققون.

الصفحة 81