كتاب تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل (اسم الجزء: 2)

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)
{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} حال أي لا ترجعون فى العاقبة إلا إليه فاستعدوا للقائه والمرجع الرجوع أو مكان الرحوع {وَعَدَ الله} مصدر مؤكد لقوله إليه مرجعكم {حَقّاً} مصدر مؤكد لقوله {وعد الله} {إِنَّهُ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أى الحكمة بابتداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم {بالقسط} بالعدل وهو متعلق بيجزى أى ليجزيهم بقسطه وليوفيهم أجورهم أو بقسطهم أي بما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا إذ الشرك ظلم إن الشرك لظلم عظيم وهذا أوجه لمقابلة قوله {والذين كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} ولوجه كلامي
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)
{هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء} الياء فيه منقلبة عن واو ضوء لكسرة ما قبلها وقلبها قتيل همزة لأنها للحركة أجمل {والقمر نُوراً} والضياء أقوى من النور فلذا جعله للشمس {وَقَدَّرَهُ} وقدر القمر أي وقدر مسيره {مَنَازِلَ} أو وقدره ذا منازل كقوله {والقمر قدرناه منازل} {لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين} أي عدد السنين والشهور فاكتفى بالسنين لاشتمالها على الشهور {والحساب} وحساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور {مَا خَلَقَ الله ذلك} المذكور {إِلاّ} ملتبساً {بالحق} الذي هو
يونس (5 _ 10)
الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثاً {يُفَصّلُ الآيات} مكي وبصري وحفص وبالنون غيرهم {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} فينتفعون بالتأمل فيها
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)
{إن في اختلاف الليل والنهار} فى مجيء كل واحد منها خلف الآخر أو

الصفحة 7