كتاب بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (اسم الجزء: 2)

الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» . وَبِقَوْلِهِ: «لا ضَمَانَ عَلَى مُؤْتَمَنٍ» . انتهى. قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: والْعَارِيَّةَ تَجِبُ مَعَ غِنَى الْمَالِكِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدٍ، وَهِي مَضْمُونَةٌ إِنْ شَرِطَ ضَّمَانُ، وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَحْمَدٍ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ: «وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ مُكَافَأَةُ الْخَائِنِ بِمِثْلِ فِعْلِهِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} وقَوْله تَعَالَى: ... {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَالْحَاصِلُ أَنَّ الأَدِلَّةَ الْقَاضِيَةَ بِتَحْرِيمِ مَالِ الآدَمِيِّ وَدَمِهِ وَعِرْضِهِ عُمُومُهَا مُخَصَّصٌ بِهَذِهِ الثَّلاثِ الآيَاتِ وَحَدِيثُ الْبَابِ مُخَصِّصٌ لِهَذِهِ الآيَاتِ، فَيَحْرُمُ مِنْ مَالِ الآدَمِيِّ وَعِرْضِهِ وَدَمِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الْمُجَازَاةِ فَإِنَّهَا حَلالٌ إلا الْخِيَانَةَ فَإِنَّهَا لا تَحِلُّ، وَلَكِنَّ الْخِيَانَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الأَمَانَةِ فَلا يَصِحُّ الِاسْتِدْلال بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ حَبْسُ حَقِّ خَصْمِهِ عَلَى الْعُمُومِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْجَوَازَ إذْنُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِامْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ تَأْخُذَ لَهَا وَلِوَلَدِهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا مَا يَكْفِيهَا. انتهى. ملخصًا.

الصفحة 116