كتاب بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (اسم الجزء: 2)
الصَّحِيحُ رَفْعُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ دُونَ الثُّلُثِ لَمْ يَجِبْ الْوَضْعُ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَجَبَ، لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» . قَالَ أَبُو دَاوُد: لَمْ يَصِحَّ فِي الثُّلُثِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ وَهُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالرَّاجِحُ الْوَضْعُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَبَيْنَ الْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ وَبَعْدَهُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ الأَوَّلُونَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْوَضْعِ مَعَ الْبَيْعِ قَبْلَ الصَّلاحِ لا يُنَافِي الْوَضْعَ مَعَ الْبَيْعِ بَعْدَهُ وَلا يَصْلُحُ مِثْلُهُ لَتَخْصِيصِ مَا دَلَّ عَلَى وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَلا لِتَقْيِيدِهِ وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ فَغَيْرُ صَالِحٍ لِلاسْتِدْلالِ بِهِ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لأَنَّهُ لا تَصْرِيحَ فِيهِ بِأَنَّ ذَهَابَ ثَمَرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ بِعَاهَاتٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَأَيْضًا عَدَمُ نَقْلِ تَضْمِينِ بَائِعِ الثَّمَرَةِ لا يَصْلُحُ لِلاسْتِدْلالِ بِهِ؛ لأَنَّهُ قَدْ نَقَلَ مَا يُشْعِرُ بِالتَّضْمِينِ عَلَى الْعُمُومِ فَلا يُنَافِيهِ عَدَمُ النَّقْلِ فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَيَأْتِي فِي شَرْحِهِ بَقِيَّةُ الْكَلامِ عَلَى الْوَضْعِ إن شاء الله تعالى. انْتَهَى. قُلْتُ: رَأْيُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا قَوْلٌ وَسَطٌ قَرِيبٌ.
الصفحة 33
656