كتاب بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (اسم الجزء: 2)

سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ تَعْظِيمَ الْمَذْبُوحِ لَهُ غَيْرُ اللهِ تَعَالَى وَالْعِبَادَةُ لَهُ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا، فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ صَارَ بِالذَّبْحِ مُرْتَدًّا. وَذَكَرَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَى بِتَحْرِيمِهِ لأنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا إنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلادَةِ الصبي.

قَوْلُهُ: فَقَالَ: «سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ» قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ فَرْضًا. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّسْمِيَةُ هُنَا عِنْدَ الأكْلِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ النَّوَوِيُّ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا يُوجَدَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَكَذَا مَا ذَبَحَهُ أَعْرَابُ الْمُسْلِمِينَ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْمَرْأَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.

قَوْلُهُ: (إِلا الظِّرَارَ) بِالْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا رَاءَانِ مُهْمَلَتَانِ بَيْنَهُمَا أَلْفٌ جَمْعُ ظُرَرٍ: وَهِيَ الْحِجَارَةُ.
قَوْلُهُ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ» أَيْ أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةٍ.

قَوْلُهُ: «وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ لأنَّهُ عَلَّقَ الإِذْنَ بِمَجْمُوعِ الأمْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: «أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ» قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هُوَ قِيَاسٌ حُذِفَتْ مِنْهُ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ لِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ، وَالتَّقْدِيرُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَكُلُّ عَظْمٍ لا يَحِلُّ الذَّبْحُ بِهِ، وَطَوَى النَّتِيجَةَ لِدَلالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: «وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» أَيْ وَهُمْ كُفَّارٌ. وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ الصَّلاحِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ. وَقِيلَ: نَهَى عَنْهُمَا لأنَّ الذَّبْحَ بِهِمَا تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَلا يَقَعُ بِهِ غَالِبًا إِلا الْخَنْقُ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ الذَّبْحِ.

قَوْلُهُ: «عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ» أَيْ ذَبِيحَتِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: شَرِيطَةُ الشَّيْطَانِ قِيلَ هِيَ الذَّبِيحَةُ الَّتِي لا يُقْطَعُ أَوْدَاجُهَا وَلا يُسْتَقْصَى ذَبْحُهَا وَهُوَ

الصفحة 549