كتاب بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (اسم الجزء: 2)

مِنْ شَرْطِ الْحَجَّامِ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقْطَعُونَ بَعْضَ حَلْقِهَا وَيَتْرُكُونَهَا حَتَّى تَمُوتَ، وَإِنَّمَا أَضَافَهَا إلَى الشَّيْطَانِ لأنَّهُ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَسَّنَ هَذَا الْفِعْلَ لَدَيْهِمْ وَسَوَّلَهُ لَهُمْ.

قَوْلُهُ: «لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا» إلَى آخره قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ: هَذَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالمترَدِّي فِي الْبِئْرِ وَأَشْبَاهِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد بَعْدَ إخْرَاجِهِ: هَذَا لا يَصِحُّ إِلا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّافِرَةِ وَالْمُتَوَحِّشَةِ.

قَوْلُهُ: (نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا) فِيهِ أَنَّ النَّحْرَ يُجْزِئُ فِي الْخَيْلِ كَمَا يُجْزِئُ فِي الإِبِلِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: الأصْلُ فِي الإِبِلِ النَّحْرُ، وَفِي الشَّاةِ وَنَحْوِهَا الذَّبْحُ. وَأَمَّا الْبَقَرُ فَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ ذَبْحِهَا وَفِي السُّنَّة ذِكْرُ
نَحْرِهَا. وَاخْتُلِفَ فِي ذَبْحِ مَا يُنْحَرُ وَنَحَرَ مَا يُذْبَحُ، فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

قَوْلُهُ: «أَوَابِدَ» جَمْعُ آبِدَةٍ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ أَكْلِ مَا رُمِيَ بِالسَّهْمِ فَجُرِحَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَسَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ وَحْشِيَّا أَوْ مُتَوَحِّشَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.

بَابُ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بذَكَاةِ أُمِّهِ

4651- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ فِي الْجَنِينِ: «ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ.

4652- وَفِي رِوَايَةٍ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينُ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُ؟ قَالَ: «كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» مَرْفُوعَان بِالابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ الإِخْبَارُ عَنْ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِأَنَّهَا زَكَاةُ أُمِّهِ فَيَحِلُّ بِهَا كَمَا تَحِلُّ الأمُّ بِهَا وَلا يَحْتَاجُ إلَى تَذْكِيَةٍ.

الصفحة 550