كتاب بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (اسم الجزء: 2)
كِتَابُ التَّفْلِيسِ
بَابُ مُلازَمَةِ الْمَلِيءِ وَإِطْلاقِ الْمُعْسِرِ
2988- عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ وَكِيعٌ: عِرْضَهُ: شِكَايَتُهُ وَعُقُوبَتَهُ: حَبْسُهُ.
2989- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ» . فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِغُرَمَائِهِ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلا ذَلِكَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لَيُّ الْوَاجِدِ» اللَّيُّ بِالْفَتْحِ: الْمَطْلُ، وَالْوَاجِدُ: الْغَنِيُّ، وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ حَبْسِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَتَّى يَقْضِيَهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقَضَاءِ تَأْدِيبًا لَهُ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ لا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا وَإِلَى جَوَازِ الْحَبْسِ لِلْوَاجِدِ ذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يَبِيعُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ.
قَوْلُهُ: (فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثِّمَارَ إذَا أُصِيبَتْ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وَضْعَ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ: إنَّهُ خَاصٌّ بِمَا بِيعَ مِنْ الثِّمَارِ
الصفحة 76