كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 2)

فوارق النساء
مزق الإسلام حجب الفوارق بين النساء، كما مزّقها بين الرجال. فتطامنت الرؤوس، وتساوت النفوس، فلم يكن بين المرأة والمرأة إلا الخير تتقدَّم به، أو العمل الصالح تسبق إليه. فأما أن تُدل َّ بعَرضَ طارف، أو تعتز بحسب قديم فذلك ما لا يقَدمها أُنملة، ولا يُغني عنها من الله شيئا.
لقد شرع الله للمؤمنين شِرعة الإخاء بقوله جلّ شأنه: (إنما المؤمنين اخوة) فلم يكن يَفرق بين المسلمة والمسلم، ولا بين المسلم والمسلمة، إلا شريف الخلق وخسيسه فذلك حيث يقول الله تباركت حكمته في كتابه الكريم (الْخَبِيثات للْخبِيِثينَ والخَبيثُونَ للْخَبِيثاتِ والطَيَباتُ للطَيبينَ والطَّيَبونَ للِطَّيَباتِ). وكذلك استن رسول الله صلى الله عليه وسلم المساومة بقوله: ألا وإن المسلم فلا يحلُّ لمسلم وسبب يوم القيامة مقطوع إلا نسبي وسبي. ولا أدَلُّ على مل نقول من حديث فاطمة بنت الأسود المخزومية - وهي امرأة من ذوات اشرف والحسب من قريش - وَهَنت نفسها فسرقت فقامت عليها البينة، فوجب عليها الحدّ. فأهَمَّ ذلك قريشاً. فقالوا: من يُكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أتشفع في حدّ من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال: يا أيها الناس إنما ضلَّ مَنْ قبلكم إذا سرق الشريف تركوه

الصفحة 20