كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 2)

ولنأخذ بالقول في مسألتين مما لعلهما يرهقان سعادة المرأة، ويكدران صفوها ويشعرانها بالحزن والموجدة. وهاتان هما: تعدد الزوجات والطلاق
تعدد الزوجات
ما كان الزوجات في شيء من مظاهر الإسلام ولا شعائره. بل لقد ضرب الله حوله نطاقاً محكما، وقيده بقيود ثقال، ففرض فيه العدل الشامل، واجتناب الانسياق مع النفس في ميلها وهواها، واتقاء ما من شأنه أن يثير الحقد والضغين بين زوجاته. وكم في الناس من يقوي على ذلك، وأي امرئ يغلب نفسه، ويمحو فضل عاطفته، ويبدل نظام طبيعته؟
يقول الله جل ذكره (فَإن خِفْتمْ ألاَ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) فجعل البقاء على وادةً فرضاً محتوماً عند توقع الجور، والإشفاق من الانحراف والخوف من إيثار واحدة على واحدة. وأي الناس لا يخاف ذلك، ولا يشفق منه، والله سبحانه يقول: (ولَئن تْستَطِيعُون أنْ تَعْدلُوا بيْن النَّسَاءِ ولَوْ حَرَصْتمُ).
وكان تعدد الزوجات معروفاً عند العرب، ولم يكن هناك حدٌّ يقف دونه الرجل. فقد يجمع بين عشر نساء - وإن غَني أكثرهم بواحدة - فلما جاء الإسلام قصرهم على أربع.
ومن بين هؤلاء غيْلان بن سلمة، كان بين يديه عشرٌ. فقال له رسول الله أمسك عليك أربعاً.

الصفحة 56