كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 2)

المرأة العربية في عهد إسلامها
تمهيد
المرأة والدين
للمرأة من دقة الحس، وقوة العاطفة، وبعد الخيال فوق ما للرجل،. فهي لا تبرح الدهرين خاطر مُتوثب، ووجدان متأثر. لا تكاد تستمع خبرا، أو تلمح منظرا، أو تُطيف بها ذكرى، حتى ينال ذلك من أعماق نفسها، وأسرار وجهها، وشئون عينيها وربما ألَّمت بالحديث وهي تعلمه ضرباً من الخيال، فلا تزال رغم ذلك بين دم يَتصعَّد ثم يَتَحدّر، وقلب يَثبُ ثم يطمئن، ووجه يَرَبدُّ ثم يشرق، وعبرة تطفو ثم تنحسر، حتى تنتهي منه وقد استبقى بنفسها أثراً لا تملك أن تمحوه. ذلك خَلق المرأة وتلك شيمتها. فطرةٌ طيبة، وسريرة صافية، وقلب دائم الخفقان.
مثل تلك الطبائع المستكنة في نفس المرأة إن وفقت إلى من يتعاهدها، ويصلح نهجها ويزيل العوائق من دونها، كانت سبيل الكمال المطلق، والخير الصريح في الأمم. وإن مُنيت بمن يُموه لها الباطل، ويزيل لها صفحة الشر، ويَجُنبُها طريق السداد، قضاء لنهمة فاسدة، ومجلبَةً لعرض زائل، انعكست آيتها، وانتكست حالتها، وهاجت الداء الدويّ والشر العقام. وإن هي تركت وأمرَها وخُليت وسبيلها، وكان شأنها دفائن الكنوز في قفر من الأرض، تتحول الأزمنة، وتتبدل الأمم، وهي على حالِها، لا خير فيها ولا أثر لها.

الصفحة 7