كتاب موطأ مالك رواية يحي الليثي - ط الغرب الإسلامي (اسم الجزء: 2)

1861- قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ، وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعُتُقَ الْجِيَادَ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْرًا ذَهَبًا غَيْرَ جَيِّدَةٍ، وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَبًا كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً، وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ، فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً بِمِثْلٍ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ، وَلَوْلاَ فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ذَلِكَ إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ، بِصَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ، فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعًا مِنْ حَشَفٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْعَجْوَةِ لِيُعْطِيَهُ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ حَشَفٍ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: بِعْنِي ثَلاَثَةَ آصُعٍ مِنَ الْبَيْضَاءِ بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَيَقُولُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَدًا، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنَ التِّبْرِ.

الصفحة 165