كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

مكة، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في «الروضتين»، وهو أروعهم وأزهرهم- فأقول: أي السيوطي- أما جدي الأعلى همّام الدين، فكان من أهل الحقيقة ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة، منهم من ولّي الحكم ببلده، ومنهم من ولّي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، ومنهم من كان متموّلا، ولا أعلم منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي. وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه الله يذكره أن جدّه الأعلى كان أعجميا، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.
وكان مولدي مستهلّ رجب بعد المغرب ليلة الأحد سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة ابي إلى الشيخ «محمد المجذوب» رجل كان من الأولياء، بجوار المشهد النفيسي، ونشأت يتيما فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت «العمدة» ومنهاج الفقه، والأصول وألفية ابن مالك، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهلّ سنة أربع وستين وثمانمائة.
فأخذت الفقه، والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ «شهاب الدين الشارمساحيّ» الذي كان يقول: إنه بلغ السدّ العالية، وجاوز المائة بكثير، قرأت عليه من شرحه على المجموع.
وأجزت بتدريس العربية من مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا «علم الدين البلقيني» فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى «الوكالة» وسمعت عليه من أول «الحاوي الصغير» إلى «العدد»، ومن أول «المنهاج» إلى «الزكاة»، ومن أول «التنبيه» إلى قريب من «الزكاة»، وقطعة من «الروضة»، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن إحياء الموات إلى

الصفحة 125