كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

«بغداد» بعد عام ستين وستمائة من الهجرة، فالتحق بالمدرسة النظامية، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية، وحضر مجالس كبار العلماء، وتلقى القراءات السبع على «أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي».
وقرأ القراءات العشر على «الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي» ت 688 هـ وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت 668 هـ وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية.
وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها، حيث أدرك الفوائد العلمية، واتسع أفقه العلمي، وارتفع مستواه، وبرع في القراءات، فكتب فيها كتابه «نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة»، وكتابه «عقود الجماعة في تجويد القرآن» وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي.
ثم كانت رحلته الثانية إلى «دمشق» فسمع من كبار الحفاظ منهم «الفخر ابن البخاري» ت 690 هـ والفخر بن الفخر البعلبكي ت 699 هـ.
وباحث، وناظر، وأفاد الطلبة كثيرا (¬1).
ثم رحل بعد ذلك إلى «مدينة الخليل» بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى «الجعبري» في «مدينة الخليل» القضاء، والإفتاء، والخطابة، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد.
يفهم مما تقدم أن «الجعبري» اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره، وزهرة شبابه، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه.
¬__________
(¬1) انظر الوافي بالوفيات ج 6، ص 73.

الصفحة 16