كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

الخروبي» كبير تجار مصر قد جاور في تلك السنة، استصحبه معه، وسمع في تلك السنة «صحيح البخاري» على «مسند الحجار: الشيخ عفيف الدين عبد الله النشاوري» خاتمة أصحاب الإمام رضي الدين الطبري.
ثم حبّب الله «لابن حجر» فن الحديث فأقبل عليه بكليته، من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، فما بعدها، فعكف على الشيخ «الزين العراقي» وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندا، ومتنا، وعللا، واصطلاحا، وارتحل إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، ومكة المكرمة، وما بين هذه النواحي، وأكثر جدّا من المسموع، فسمع العالي والنازل، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره.
وكان «ابن حجر» رحمه الله تعالى تفقه على الشيخ «البلقيني، والبرماوي، وابن الملقّن، والعزّ بن جماعة» وعليه أخذ غالب العلوم الآلية، والأصولية مثل: «المنهاج، وجمع الجوامع، وشرح المختصر، والمطوّل». احتل «ابن حجر» مكانة سامية بين الجميع، وقد أثنى عليه الكثيرون. وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»:
درّس «ابن حجر» بمواطن متعددة، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وارتحل إليه العلماء، وأخذ عنه الناس طبقة بعد طبقة، وألحق الأصاغر بالأكابر، وامتدحه الكبار، وتسابق فحول الشعراء بمطارحته، إذ كان له يد طولى في الشعر.
وقد أورد منه جماعة من الأدباء المصنفين أشياء حسنة جدّا، وكلهم بعلوّ درجته في ذلك، ومن شعره قوله:
خليليّ ولّى العمر منا ولم نتب ... وننوي فعال الصالحات ولكنّا
فحتى متى نبني البيوت مشيّدة ... وأعمارنا منا تهدّ وما تبنى

الصفحة 40