كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

وقرأ رحمه الله تعالى المجلس الأخير هنالك، وجلس «ابن حجر» على الكرسي.
قال تلميذه «السخاوي»: «وكان يوما مشهودا لم يعهد أهل العصر مثله بمحضر من العلماء، والقضاة، والرؤساء، والفضلاء، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا، وفرّق عليهم الذهب» (¬1).
وقد شهد له شيخه «العراقي» بأنه أعلم أصحابه بالحديث.
وقال كلّ من «التقيّ الفاسي والبرهان الحلبي»: ما رأينا مثله وفيه يقول «التقيّ بن فهد»: هو علامة حافظ محقق، متين الديانة، حسن الأخلاق، لطيف المحاضرة، جيّد التعبير، عديم النظير، لم تر العيون مثله (¬2).
وتجمع كتب التراجم على أن «ابن حجر» تصدى لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعة، وإقراء، وتصنيفا، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد، والعدوّ والصديق، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع.
وزادت تصانيف «ابن حجر» على مائة وخمسين مصنفا، وفيها يقول «التقيّ بن فهد» إن أولاها في التقديم «فتح الباري شرح البخاري» في بضعة عشر مجلدا، ومقدمة في مجلّد ضخم يشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حذفت منها.
و «فتح الساري لمقدمة فتح الباري» و «تهذيب التهذيب» وهو اختصار «لتهذيب الكمال» للمزّي، مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر، ثم لخصه في مجلد سمّاه: «تقريب التهذيب» وكتاب «الإصابة في تمييز
¬__________
(¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 90.
(¬2) انظر مقدمة الدرر الكامنة ج 1، ص 12.

الصفحة 42