كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

نحو ثلاثين سنة، وهو حسن المحاضرة، جميل المروءة، كثير التواضع، لا يعدّ نفسه شيئا، يعتريه في بعض الحالات حدّة ثم يرجع سريعا وقد يقهرها بالحلم، وليس بمتصنع في ملبسه وجميع شئونه، وبيني وبينه مجالسة ومؤانسة، ومحبّة أكيدة من قديم الأيام، ولما كان شهر رجب سنة 1213 هـ صار قاضيا من جملة قضاة الحضرة المنصورية، وعظمه الإمام تعظيما كبيرا بعد أن أشرت عليه وعرفته بجليل مقداره» (¬1).
وقد ترجم له «السيد الحافظ عبد الكريم»، فقال: هو السيد المحقق المدقق المجتهد، إمام الفروع والأصول، والحديث، والتفسير، والنحو، والصرف، واللغة، بلا منازع ولا مدافع.
أخذ العلم عن أبيه العلامة «يوسف بن الحسين زبارة» وغيره، وعليه مدار أسانيد كتب أصحابنا، والبخاري، ومسلم، وسائر الأمهات، والمسانيد، وكان مواظبا على الدرس والتدريس، وتعلق بالقضاء، فلم يمنعه ذلك من نشاطه وعلوّ همّته. وقد أخذ عنه جماعة من علماء «صنعاء» كالإمام الناصر عبد الله ابن الحسن بن أحمد بن المهدي، وغيره.
وجلّ علماء صنعاء عالة عليه، وله رسائل، ومسائل، وأجوبة مفيدة نافعة، وأجلّها مؤلفه الذي كمّل به «كتاب الاعتصام» للإمام المنصور بالله القاسم ابن محمد، لأن الإمام القاسم رحمه الله إنما بلغ فيه إلى آخر كتاب الصيام فأكمله من كتاب الحج، إلى كتاب السّير فجاء كتابا نفيسا، سلك فيه مسلك الإمام القاسم في نقل الحديث أولا من كتب الأئمة من أهل البيت وشيعتهم، ثم من كتب المحدثين مع بيان ما يحتاج إلى البيان، وهو أكبر دليل على شدة اطّلاعه، وقوة ساعده، وباعه، وسمّى هذه التتمة «أنوار التمام المشرقة بضوء الاعتصام». ولم يزل ملازما للتدريس بجامع «صنعاء» حتى توفاه الله تعالى
¬__________
(¬1) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.

الصفحة 47