كتاب معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (اسم الجزء: 2)

القاضي، فلم يركبها، وركب حماره، ودخل معهم، فسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه، ويعجنه، ويخبزه. اه (¬1).
وأقول: هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها: أن «عليّ بن داود» كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم، كما يدل على قناعته وعفة نفسه، وزهده في الدنيا، وتطلّعه إلى الدار الآخرة.
توفي «عليّ بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ.
ومن شيوخ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي»، وهو أستاذ ماهر حافظ، سكن «مصر» وقرأ على شيوخها، وفي مقدمتهم: «أبو الفتح بن بدهن».
قال عنه الإمام الدانيّ: كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» أحفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ويحفظ إعرابا وعللا، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر، والوقف.
وتتلمذ عليه عدد كبير منهم «محمد بن أحمد بن سعد القزويني».
توفي «الحسن بن سليمان الأنطاكي» بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وكما أخذ «محمد بن أحمد القزويني» القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا
¬__________
(¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 542.

الصفحة 74