كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

وَعَلَى طَرِيقَةِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ فَجَمِيعُ الدَّوَابِّ الْمُحَرَّمَةِ إِذَا لَمْ تُؤْدَ: رِوَايَتَانِ كَالسِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ.
فَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] بَعْدَ قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96].
فَلَمَّا أَبَاحَ صَيْدَ الْبَحْرِ مُطْلَقًا، وَحَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ مَا دُمْنَا مُحْرِمِينَ: عُلِمَ أَنَّ الصَّيْدَ الْمُحَرَّمَ بِالْإِحْرَامِ هُوَ مَا أُبِيحَ فِي الْإِحْلَالِ ; لِأَنَّهُ عَلَّقَ تَحْرِيمَهُ بِالْإِحْرَامِ، وَمَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُعَلَّقُ تَحْرِيمُهُ بِالْإِحْرَامِ، فَعُلِمَ أَنَّ صَيْدَ الْبَرِّ مُبَاحٌ بَعْدَ الْإِحْلَالِ، كَمَا نَصَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِبَانَةَ إِحْلَالِهِ وَنَحْنُ حَلَالٌ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: الضَّبُعُ آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: سَمِعْتَ ذَاكَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ» ". رَوَاهُ ...

الصفحة 133