كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

وَأَمَّا الذَّرُّ: فَقَدْ رَوَى عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الذَّرِّ».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: " وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَمْلَةَ، وَلَا يَقْتُلَ النَّمْلَةَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ وَلَا يَقْتُلُ الضِّفْدَعَ، وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ عَنْ قَتْلِهَا، مِثْلُ الصُّرَدِ وَالنَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ، مَرَدُّ .... هَلْ هُوَ مَنْعُ تَنْزِيهٍ أَوْ تَحْرِيمٍ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَلَا يَقْتُلُ النَّمْلَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ وَلَا الضِّفْدَعَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ التَّحْرِيمُ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ، فَقَالَ: " إِذَا آذَتْهُ قَتَلَهَا "، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ وَالصُّرَدِ وَهُوَ طَيْرٌ ".
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْحَارِثِ - فِي الضَّفَادِعِ لَا تُؤْكَلُ وَلَا تُقْتَلُ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ».
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ - وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الضِّفْدَعُ لَا يُؤْكَلُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَنْ يُجْعَلَ فِي الدَّوَاءِ مَنْ يَأْكُلُهُ!». فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَتْلَهَا وَأَكْلَهَا سَوَاءٌ وَأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.

الصفحة 148