كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

قَتَادَةَ: «فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، قَالَ: فَقَالُوا: أَكَلْنَا لَحْمًا وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، فَحَمَلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالُوا: أَنَأْكَلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ. فَقَالَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ: «هَلْ مَعَكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: قَالُوا: لَا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» ".
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ حَرُمَ عَلَى جَمِيعِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا أَبَانَ الْمُحْرِمُ فَاصْطَادَهُ حَلَالٌ: فَعَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ وَلَا يَأْكُلُ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيْتَةِ.
وَلِأَنَّهُ إِذَا أَعَانَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِهِ: كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَضَمَانُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قُتِلَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ مَيْتَةً، فَإِنَّ الذَّكِيَّ لَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ ذَبَحَهُ الْحَلَالُ لِحَرَمٍ.

الصفحة 159