كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

وَإِنْ كَسَرَ بَيْضَةً أَوْ قَطَعَ شَجَرَةً: لَمْ يَجُزْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَأَمَّا لِغَيْرِهِ ... فَإِذَا اضْطُرَّ إِلَى الصَّيْدِ جَازَ لَهُ عَقْرُهُ، وَيَأْكُلُهُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ ; لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ أَكْلَ جَمِيعِ الْمَحْظُورَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ لِحَقِّ اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ، وَالصَّيْدُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ.
وَإِذَا قَتَلَهُ: فَهَلْ يَكُونُ ذَكِيًّا بِحَيْثُ يُبَاحُ أَكْلُهُ لِلْمُحِلِّينَ أَوْ مَيْتَةً؟ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ ذَكَاةٌ بَلْ هُوَ مَيْتَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ; لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ قَتْلًا.
وَإِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَصَيْدًا: فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَيَدَعُ الصَّيْدَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ .... ; لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَى حِلَّ الْمَيْتَةِ فِي كِتَابِهِ لِلْمُضْطَرِّ بِقَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] وَلَمْ يَسْتَثْنِ حِلَّ الصَّيْدِ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ اسْتِدْلَالًا وَقِيَاسًا، وَمَا ثَبَتَ حُكْمُهُ بِالنَّصِّ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ لَا يَكُونُ مُضْطَرًّا إِلَى الصَّيْدِ.

الصفحة 160