كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)
اصْطِيَادًا، وَأَنَّ الْمَعْنَى: حُرِّمَ عَلَيْكُمُ الِاصْطِيَادُ فِي حَالٍ مِنَ الْإِحْرَامِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ حَيْثُ ذَكَرَ الصَّيْدَ، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ مَا يُصَادُ، كَقَوْلِهِ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَقَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: 96] وَإِنَّمَا يَسْتَمْتِعُونَ بِمَا يُصَادُ لَا بِالِاصْطِيَادِ.
وَقَوْلِهِ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] بَعْدَ قَوْلِهِ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1].
الثَّانِي: أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ فِي مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى الْأَعْيَانِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ أَفْعَالَ الْمُكَلَّفِينَ كَقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 5] {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1] {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: 1] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96]
الصفحة 176