كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ نُسُكٌ مُؤَكَّدٌ وَتَارِكُهُ مُسِيءٌ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ ; لَكِنْ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ بِحَيْثُ إِذَا فَاتَ بِفَسَادِ الْعِبَادَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ أَوْ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِذَا قُلْنَا: هُوَ وَاجِبٌ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ بِدُونِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَجْوَدُ الطُّرُقِ، وَهِيَ مُقْتَضَى مَا سَلَكَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِيَارِ كَوْنِهِ نُسُكًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] وَهَذِهِ اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ عَلَى قِرَاءَةِ ... .
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] فَجَعَلَ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ شِعَارَ النُّسُكِ وَعَلَامَتَهُ، وَعَبَّرَ عَنِ النُّسُكِ بِالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْهُ وَبَعْضًا لَهُ لِوُجُوهٍ ; أَحَدُهَا: أَنَّ الْعِبَادَةَ إِذَا سُمِّيَتْ بِمَا يُفْعَلُ فِيهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ فِيهَا كَقَوْلِهِ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78] وَقَوْلِهِ: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] وَ

الصفحة 542