كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

إِلَّا أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْقَارِنَ يُجْزِئُهُ طَوَافُهُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، فَيُجْزِئُ طَوَافُ الْقُدُومِ عَنِ الرُّكْنِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ. . . .
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ «قَالَ جَابِرٌ: " لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، طَوَافُهُ الْأَوَّلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ مَعَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ، قَالَ: فَقُلْنَا: أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ، فَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسَسْنَا الطِّيبَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وَكَفَانَا الطَّوَافُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ.
وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَا يَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا كَالْقَارِنِ وَالْمُفْرِدِ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ

الصفحة 549