كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ» ".
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِيَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَضَرُّعِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَنَّهُ كَانَ يُطِيلُ الْقِيَامَ بَيْنَ الْجَمْرَتَيْنِ.
وَأَمَّا مِقْدَارُ هَذَا الْقِيَامِ فَقَالَ حَرْبٌ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: كَمْ يَقُومُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْجَمْرَتَيْنِ؟ قَالَ: يَقُومُ وَيَدْعُو وَيَبْتَهِلُ، وَلَمْ يُؤَقِّتْ وَقْتًا.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ -: فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَزَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، تُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَتَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، ثُمَّ امْشِ قَلِيلًا حَتَّى تَأْتِيَ مَوْضِعًا يُقَامُ عَنْ يَسَارِ الْجَمْرَةِ الَّتِي رَمَيْتَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَتَدْعُو بِدُعَائِكَ بِعَرَفَةَ وَتَزِيدُ: وَأَتْمِمْ لَنَا مَنَاسِكَنَا، ثُمَّ تَأْتِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، ثُمَّ تَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَا تَقِفُ عِنْدَهَا، وَكُلَّ مَا دَعَوْتَ بِهِ أَجْزَأَكَ.
وَيُسْتَحَبُّ طُولُ الْقِيَامِ عِنْدَ الْجِمَارِ فِي الدُّعَاءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ.

فَصْلٌ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَمْشِيَ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى الْجِمَارِ وَيَرْمِيَهَا وَاقِفًا، وَيَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ ; لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي الْجِمَارَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ

الصفحة 561