كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

قَالَ: يَرْجِعُ، فَإِذَا بَلَغَ التَّنْعِيمَ، أَهَلَّ، ثُمَّ طَافَ، وَيُهْدِي، مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ - فِيمَنْ وَطِئَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَوْطٌ -: فَالدَّمُ قَلِيلٌ، وَلَكِنْ يَأْتِي بِبَدَنَةٍ، وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةَ الطَّوَافِ.
الشَّرْطُ السَّادِسُ: التَّرْتِيبُ، هُوَ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَإِنِ ابْتَدَأَ بِمَا قِبَلَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ: لَمْ يَضُرَّهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنِ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ: لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِذَلِكَ الشَّوْطِ.
الثَّانِي: وَهُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِنَاحِيَةِ الْبَابِ، ثُمَّ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ، ثُمَّ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، فَيَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَوْ نَكَسَ الطَّوَافَ، فَابْتَدَأَ بِنَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ - لَمْ يُجْزِهِ.
وَإِنْ مَرَّ عَلَى الْبَابِ لَكِنِ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ فِي طَوَافِهِ، وَمَشَى عَلَى جَنْبٍ. . .، قَالَ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ -: مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْوَاجِبِ مَنْكُوسًا لَمْ يُجْزِهِ، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ، وَسُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ طَافَ كَذَلِكَ وَانْصَرَفَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ، لَا يُجْزِئُهُ. . .
وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالطَّوَافِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِعْلِهِ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ عَنْهُ بِالْعَمَلِ الْمُتَوَاتِرِ، وَفِعْلُهُ إِذَا خَرَجَ امْتِثَالًا لِأَمْرٍ، وَتَفْسِيرًا لِمُجْمَلٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْأَمْرِ. وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
الشَّرْطُ الثَّامِنُ: الْمُوَالَاةُ، وَهُوَ أَنْ لَا يُطِيلَ قَطْعَهُ، فَإِنْ أَطَالَ قَطْعَهُ لِمَكْتُوبَةٍ

الصفحة 592