كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَجَعَلَ يَنْتَظِرُ الْأَعْرَابِيَّ، وَقَدْ جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ، قُلْتُ: فَيُجْزِئُهُ إِذَا أَتَى عَرَفَةَ، ثُمَّ لَمْ يُدْرِكْ جَمْعًا؟ قَالَ: هَذَا مُضْطَرٌّ، أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّمَ الضَّعَفَةَ وَلَمْ يَشْهَدُوا مَعَهُ. قُلْتُ: أَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ عَلَيْهِ دَمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ دَمٌ. إِذَا لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ عَلَيْهِ دَمٌ، لَكِنْ يَأْتِي جَمْعًا فَيَمُرُّ قَبْلَ الْإِمَامِ، قُلْتُ: قَبْلَ الْإِمَامِ يُجْزِئُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضَّعَفَةَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: قَالَ عَمِّي: مَنْ لَمْ يَقِفْ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّمَ الضَّعَفَةَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ ضَعَفَةٌ، أَوْ غِلْمَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبِتْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَسُئِلَ عَمَّنْ لَمْ يَأْتِ جَمْعًا؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ، أَوْ كَانَ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَنْزِلْ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَقَالَ حَرْبٌ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؟ قَالَ: حَجُّهُ جَائِزٌ إِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ جَائِزٌ.

الصفحة 608