كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

مِنًى وَعَلَيْهِ لَيْلٌ يَرْمِي الْجِمَارَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: فَإِنَّهُ مَضَى مِنْ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَطَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ؟ قَالَ: لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ بِلَيْلٍ.
وَلَعَلَّ حَرْبًا سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ; لِأَنَّ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَبَاحَ الْإِفَاضَةَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَفِي آخِرِهَا قَالَ: لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يَغِيبَ الْقَمَرُ، وَبَيْنَهُمَا زَمَنٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ - عَنْهُ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟ فَقَالَ: أَرْجُو، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِي وَجْهِ السَّحَرِ. وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ، فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْنِي عِنْدَهَا» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

الصفحة 616