كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

وَعَلَى هَذَا، فَيَكُونُ الْمَبِيتُ وَاجِبًا إِلَى أَنْ يَبْقَى سُبُعَا اللَّيْلِ إِذَا جَعَلَ آخِرَهُ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَذَلِكَ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ، وَلَا يَصِلُونَ إِلَى جَمْعٍ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَمْضِيَ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَكُونُ الْإِفَاضَةُ مِنْ جَمْعٍ جَائِزَةً إِذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْوُقُوفِ الثُّلُثُ. وَتَقْدِيرُ الرُّخْصَةِ بِالثُّلُثِ لَهُ نَظَائِرُ فِي الشَّرْعِ، وَالتَّقْدِيرُ بِالْأَسْبَاعِ لَهُ نَظَائِرُ خُصُوصًا فِي الْمَنَاسِكِ، فَإِنَّ أَمْرَ الْأَسْبَاعِ فِيهِ غَالِبٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ مُقَدَّرًا بِالْأَسْبَاعِ.

(فَصْلٌ)
وَهَلْ يَجِبُ هَذَا الْمَبِيتُ عَلَى أَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَاءِ؟ قَالَ
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ مَنْ وَافَاهَا بَعْدَ جَوَازِ الْإِفَاضَةِ مِنْهَا ; إِمَّا بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَ مَغِيبِ الْقَمَرِ، أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ - عَلَى مَا مَضَى - أَجَزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ نَزَلَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَنْزِلْ.
قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ - فِيمَنْ أَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: إِذَا نَزَلَ بِهَا، أَوْ مَرَّ بِهَا، فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْتُ أَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ عَلَيْهِ دَمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ عَلَيْهِ دَمٌ، لَكِنْ يَأْتِي جَمْعَ فَيَمُرُّ قَبْلَ الْإِمَامِ، قُلْتُ: قَبْلَ الْإِمَامِ يُجْزِئُهُ، قَالَ: نَعَمْ قَدْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضَّعَفَةَ.

الصفحة 619