كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «إِنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا هُمْ وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ فَتَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي آبَائِهِمْ: مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ».
وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ، نَصَبَ بَيْنَ الصَّفَا صَنَمًا يُقَالُ لَهُ: نَهِيكٌ مُجَاوِدُ الرِّيحِ، وَنَصَبَ عَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ: مُطْعِمُ الطَّيْرِ، وَنَصَبَ مَنَاةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِمَّا يَلِي قَدِيدًا، وَهِيَ الَّتِي كَانَتِ الْأَزْدُ وَغَسَّانُ يَحُجُّونَهُمَا، وَيُعَظِّمُونَهُمَا فَإِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَأَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ، وَفَرَغُوا مِنْ مِنًى لَمْ يَحْلِقُوا إِلَّا عِنْدَ مَنَاةَ، وَكَانُوا يُهِلُّونَ لَهَا، وَمَنْ أَهَلَّ لَهَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِمَكَانِ الصَّنَمَيْنِ الَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا: نَهِيكٌ مُجَاوِدُ الرِّيحِ، وَمُطْعِمُ الطَّيْرِ، فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، قَالَ: وَكَانَتْ مَنَاةُ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَغَسَّانُ مِنَ الْأَزْدِ وَمَنْ كَانَ بِدِينِهَا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشَلَّلِ بِقَدِيدٍ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ

الصفحة 631