كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

{عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ لِلْحَاجِّ. فَعُلِمَ أَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِهَذَا الذِّكْرِ بِمِنًى، وَلَيْسَ بِمِنًى ذِكْرٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الْحَجُّ إِلَّا ذِكْرَ الْجِمَارِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» "، فَعُلِمَ أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ شُرِعَ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203].
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَالَ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] فَعُلِمَ أَنَّهُ مَنْ تَعَجَّلَ قَبْلَ الْيَوْمَيْنِ لَا يَزُولُ عَنْهُ الْإِثْمُ، وَإِنَّمَا ذَاكَ لِأَنَّ بِمِنًى فِعْلًا وَاجِبًا، وَلَا فِعْلَ بِهَا إِلَّا رَمْيَ الْجِمَارِ، لِأَنَّ الْمَبِيتَ أَخَفُّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ تَبَعًا لَهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ أَمَرَ بِالذِّكْرِ فِي الْأَيَّامِ، وَجَعَلَ التَّعْجِيلَ فِيهَا: فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلٍ وَاجِبٍ فِي الْأَيَّامِ.
وَأَيْضًا: فَمَا رَوَى.
وَمَنْ رَمَى بِحَجَرٍ قَدْ رَمَى بِهِ: لَمْ يُجْزِهِ وَمَنْ رَمَى بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ: لَمْ يُجْزِهِ قَوْلًا وَاحِدًا.

الصفحة 649