كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 2)

لِعَائِشَةَ - لَمَّا حَاضَتْ -: " «اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» ".
وَأَيْضًا: فَإِنَّ طَوَافَ الْحَجِّ الْوَاجِبَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، كَمَا أَنَّ الْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] فَمَنْ لَمْ يُعَرِّفْ كَيْفَ يَطُوفُ لِلْحَجِّ وَلَمْ يَقْضِ تَفَثَهُ وَلَمْ يُوفِ نَذْرَهُ؟
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْعِبَادَةَ الْمُؤَقَّتَةَ الَّتِي يُشْتَرَطُ الْوَقْتُ لِصِحَّتِهَا إِذَا فَاتَتْ زَالَتْ جَمِيعُهَا كَالْجُمُعَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَمَّمَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى أَنَّهُ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَيَمْضِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ؟
نَعَمْ لَمَّا كَانَ الْإِحْرَامُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ، وَإِتْمَامُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إِتْمَامُهُ لِحِجَّةٍ، أَتَمَّهُ لِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْإِحْرَامِ إِلَّا بِالتَّحَلُّلِ، وَلَا يَتَحَلَّلُ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ، فَكَانَ انْتِقَالُهُ إِلَى مَا هُوَ جِنْسُهُ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْهُ الْعِبَادَةُ أَشْبَهَ، وَهَذَا كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ، فَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا .... الْآخَرُ، كَذَلِكَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ هُوَ بَعْضُ الْأَكْبَرِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْأَكْبَرُ بَقِيَ الْأَصْغَرُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ كَوْنَهُ يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَإِنَّمَا ذَاكَ إِذَا أَمْكَنَ إِتْمَامُهُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِتْمَامُهُ صَارَ انْتِقَالُهُ إِلَى الْعُمْرَةِ ضَرُورَةً، وَ .... غَيْرُهُ. فَائِدَةُ هَذَا أَنَّهُ إِذَا قُلْنَا: يَجْعَلُ إِحْرَامَهُ عُمْرَةً.
، وَأَنْ يَحُجَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَدْخَلَ عُمْرَةً عَلَى إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَمَّا ..... أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَمْ

الصفحة 664