كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 2)

(ولا بلا معذرة) أي دون عذر متعلق بـ (ـتدقق) أي لا ترقق خطك من غير عذر.
وصرح النووي وغيره: بأنه مكروه، أي كراهة تنزيه لأنه لا يَنْتَفِعُ به مَنْ في نظره ضعف، بل ربما يعيش الكاتب نفسه حتى يضعف بصره.
وقد قال الإمام أحمدُ لابن عمه حنبل بن إسحاق بن حنبل، وقد رآه يكتب خطاً دقيقاً: لا تفعل، فإنه يخونك أحوج ما تكون إليه، رواه الخطيب في جامعه.
وعن أبي حكيمة، قال: كنا نكتب المصاحف بالكوفة، فيمر علينا علي بن أبي طالب فيقوم علينا، فيقول: " أجِلَّ قَلَمَك " قال: فقططت منه، ثم كتبت فقال: " هكذا نوروا ما نور الله " رواه الخطيب أيضاً.
واحترز بقوله: بلا معذرة عما إذا كان لعذر كأن لا يكون في الورق سعة، أو كان الكاتب رَحَّالاً يحتاج إلى تدقيق الخط، ليخف عليه حمل كتابه، أو لفقره بأن لا يجد الثمن، أو يجده ولا يجد الورق.
ولما بين ضبط الحروف المعجمة، شرع يبين ضبط المهملة فقال:

440 - وَيَنْبَغِي ضَبْطُ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَهْ ... بِنَقْطِهَا أَوْ كَتْبِ حَرْفٍ أَسْفَلَهْ
441 - أَوْ هَمْزَةٍ أَوْ فَوْقَهَا قُلامَهْ ... أَوْ فَتْحَةٍ أَوْ هَمْزَةٍ عَلامَهْ

(وينبغي) أي يندب ندباً مؤكداً، لا يحسن تركه، وهي من الأفعال التي لا تتصرف فلا يقال: انبغى، خلافاً لبعضهم، وحكى عن الكسائي أنه سمعه من العرب، أفاده الفيومي. (ضبط الحروف المهملة) كالدال، والراء، والصاد، والطاء، والعين، ونحوها، إلا الحاء، ولم يستثنها كما استثناها العراقي لوضوحها، لأنها لو جعلت تحتها نقطة لالتبست بالجيم، فترك العلامة لها علامة.
ثم اختلِفَ في كيفية ضبطها على ستة أقوال: أشار إلى الأول بقوله:

الصفحة 13