كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 2)

وقال آخر من البسيط:
اسْتَوْدَعَ الْعِلْمَ قِرْطَاساً فَضَيعَهُ .. وَبِئْسَ مُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ الْقَرَاطِيسُ
ثم ذكر مسألة العناية بكتابة الحديث، فقال:

436 - ثُمَّ عَلَى كَاتِبِهِ صَرْفُ الْهِمَمْ ... لِلضَّبْطِ بِالنَّقْطِ وَشَكْلِ مَا عَجَمْ
437 - وَقِيلَ: شَكْلُ كُلِّهِ لِذِي ابْتِدَا ... وَفِي سُمًى مَحَلِّ لَبْسٍ أُكِّدَا

(ثم) بعد أن عرفنا رفع الخلاف السابق. واستقرارَ الإجماع اللاحق، على جواز الكتابة يتأكد (على كاتبه) أي الحديث (صرف) أي رد (الهمم)، جمع هِمَّة بالكسر: أولُ العزم. وقد تطلق على العزم القوي، فيقال: له همة عالية. أفاده الفيومي.
قلت: والمعنى الثاني هو المقصود هنا.
يعني: أنه يتأكد على كاتب الحديث رد همته القوية. ثم ظاهر عبارته يفيد الوجوب، وهو الذي تفيده عبارة ابن خَلَّاد وعياض، وصرح به الماوردي، لكن في حق من يحفظ العلم بالخط، ويحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب المتأكد، أفاده السخاوي. (للضبط) متعلق بصرف، أي ضبطِ ما يُحَصِّلُهُ بخطه، أو بخط غيره من مرويه وغيره من كتب العلوم النافعة، ضبطاً يُؤمَن معه اللبس (بالنقط) متعلق بالضبط، يعني أن ذلك الضبط يكون بنقط الحروف، وهو مصدر نَقَطْتُ الكتاب من باب قتل، والنُّقْطة بالضم اسم للفعل، والجمع نقَطُ مثل غرفة وغُرَف، والنقطة بالفتح المرة أفاده الفيومي. وفي " ق " وشرحه نَقَطَ الحرف وَنَقَّطَهُ تنقيطاً، أي بالتخفيف، والتشديد: أعجمه، والاسم النُّقطة بالضم، وهو رأس الخط.
والمعنى: أنه يضبط الحرف الذي يستعجم، أي يستبهم بإغفاله بحيث يصير فيه عجمة، فيزيل ذلك بإعجامه، فيميز الخاء المعجمة عن الحاء المهملة، والذال المعجمة عن الدال المهملة، كحديث: " عليكم بمثل حصى الخذف " فيعجم كلا من الخاء والذال بالنقط، وكالنقيع بالنون،

الصفحة 9