كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

كأنهم تقالوها، قالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل ولا أرقد; وقال أحدهم: أنا أصوم الدهر ولا أفطر; وقال الآخر: أنا أعتزل النساء ولا أتزوج فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم: كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي، فليس مني" رواه البخاري ; وقال صلى الله عليه وسلم "أنتم أعلم بأمر دنياكم فخذوا به "1.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} 2 قال صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه، ويتركون المحكم، فأولئك الذين سمى الله: أهل الزيغ، فاحذروهم " وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: " هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت رجلين اختلفا في آية، فخرج في وجهه الغضب، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل أجور من عمل بها، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن ابتدع بدعة ضلالة لا
__________
1 مسلم: الفضائل (2363) , وابن ماجه: الأحكام (2471) , وأحمد (6/123) .
2 البخاري: تفسير القرآن (4547) , ومسلم: العلم (2665) , وأبو داود: السنة (4598) , وابن ماجه: المقدمة (47) , وأحمد (6/48 ,6/124 ,6/132 ,6/256) , والدارمي: المقدمة (145) .

الصفحة 17