كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)
وقد مضت السنة أن الحي يطلب منه الدعاء، كما يطلب منه سائر ما يقدر عليه، سواء كان بلفظ الاستغاثة، أم بغيرها; ومنه ما قص الله عن الإسرائيلي المستغيث بموسى على القبطي، في قوله: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى} الآية [سورة القصص آية: 15] . وكاستشفاع الأمة من أهل الموقف بالأنبياء، والطواف عليهم، يسألونهم أن يشفعوا إلى الله من أهل الموقف عامة.
وأما: المخلوق الغائب أو الميت، فلا يستغاث به، ولا يطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله البتة; وهذا موافق لقوله تعالى {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [سورة آل عمران آية: 154] . وإنما غاية طلب الشفاعة عند الله (أن يشفع نبيه فيه، وهو (قد انتقل من هذه الدار، إلى دار القرار، بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ولهذا استسقى أصحابه بعمه العباس بن عبد المطلب، وسألوه أن يدعو لهم في الاستسقاء عام القحط، أخرجه البخاري، عن أنس بن مالك (في: باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء، إذا قحطوا; ولم يأتوا إلى قبره، ولا وقفوا عنده، مع أنه (حي في قبره حياة برزخية، أعلى من حياة الشهداء.
وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان، على أن النبي (لا يسأل بعد موته، لا استغفارا، ولا دعاء ولا
الصفحة 192
371