كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

غيرهما; فإن الدعاء عبادة مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع، ولو كان هذا من العبادة، لَسَنَّهُ رسولُ الله (، ولكان أصحابه أعلم بذلك وأتبع له.
وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} الآية [سورة النساء آية: 64] ، فإتيانهم له (للاستغفار مخصوص بوجوده في الدنيا، ولهذا لم يفعله أحد من الصحابة ولا التابعين، مع شدة احتياجهم وكثرة مدلهماتهم، وهم أعلم بمعاني كتاب الله وسنة رسوله، وأحرص اتباعا لملته من غيرهم; بل كانوا ينهون عنه، وعن الوقوف عند القبر للدعاء عنده; منهم الإمام مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعي; وهم من خير القرون التي قد نص (عليها في قوله: " خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " 1 قال عمران: لا أدري أذكر اثنين أو ثلاثة بعد قرنه، رواه البخاري في صحيحه.
الثالث: أنهم زعموا أنه دليل للوسيلة إلى الله تعالى بغير محمد (، فلا دليل فيه أصلا، لأنهم صرحوا بأنه لا يقاس مع فارق، فلا يجوز لنا أن نقول: اللهم إنا نسألك ونتوجه إليك برسولك نوح، يا رسول الله، يا نوح، إلى آخره، ولا أن نقول: اللهم إنا نسألك، ونتوجه إليك بخليلك إبراهيم، إلى آخره، ولا أن نقول: بكليمك موسى، ولا بروحك عيسى.
__________
1 البخاري: الشهادات (2651) , ومسلم: فضائل الصحابة (2535) , والترمذي: الفتن (2221) , والنسائي: الأيمان والنذور (3809) , وأحمد (4/427 ,4/436) .

الصفحة 193