كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)
ويجهلون قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة آل عمران آية: 6] ، فإن الشراء ممن يملك الشيء.
وهذا الأمر سار في العلماء، والجهال; فهم قد غلبت عليهم العوائد، وسلبت عقولهم من تفهم المراد والمقاصد، ولم يجدوا هذا في كتاب فروع أحد من الأئمة، صانهم الله عن هذه الوصمة، فما استدلوا به مما تقدم، لا يكون دليلا على التوسل بالأموات، المعلوم حالهم أنهم في أعلى الجنان، فكيف غيرهم، ممن لا يعلم حاله، ولا يدرى أين مآله؟ أم كيف يكون دليلا على دعاء غير الله تعالى، في المهمات؟ ويقال: المراد الوسيلة، ويستدل لها بهذا؟! {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [سورة النور آية: 16] ، وتحريف للكلم عن مواضعه.
فبهذا تبين أن الشيطان اللعين نصب لأهل الشرك قبورا يعظمونها ويعبدونها أوثانا من دون الله; ثم يوحي إلى أوليائه أن من نهى عن عبادتها واتخاذها أعيادا، وجعلها" والحالة هذه" أوثانا، فقد انتقصها وغمصها حقها، وسبها; فيسعى الجاهلون المشركون في قتالهم وعقوباتهم، وما ذنبهم عند هؤلاء المشركين، إلا أنهم أمروهم بإخلاص توحيده، ونهوهم عن الشرك بأنواعه، وقالوا بتعطيله.
فعند ذلك غضب المشركون، واشمأزت قلوبهم فهم لا يؤمنون، وقالوا: قد انتقصوا أهل المقامات والرتب،
الصفحة 199
371