كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

قلت: وأدلة هذا في القرآن أكثر من أن تحصر، كقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية [سورة آل عمران آية: 64] : أمر الله تعالى نبيه أن يدعو أهل الكتاب إلى معنى لا إله إلا الله، الذي دعا إليه العرب وغيرهم.
والكلمة هي: لا إله إلا الله، ففسرها بقوله: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [سورة آل عمران آية: 64] ، فقوله: (ألا نعبد) ، فيه معنى: لا إله، وهو نفي العبادة عما سوى الله، وقوله: (إلا الله) ، هو المستثنى في كلمة الإخلاص; فأمره تعالى أن يدعوهم إلى قصر العبادة عليه وحده، ونفيها عمن سواه ومثل هذه الآية كثير، يبين أن الإلهية هي العبادة، وأنها لا يصلح منها شيء لغير الله، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: 23] ، معنى قضى: أمر ووصى، قولان، ومعناهما واحد; وقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} [سورة الإسراء آية: 23] ، فيه معنى: لا إله، وقوله: {إِلَّا إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: 23] فيه معنى: إلا الله.
وهذا هو توحيد العبادة، وهو دعوة الرسل، إذ قالوا لقومهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة المؤمنون آية: 32] . فلا بد من نفي الشرك في العبادة رأسا، والبراءة منه وممن فعله، كما قال تعالى، عن خليله إبراهيم عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [سورة الزخرف آية: 26"27] . فلا بد

الصفحة 203