كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

من البراءة من عبادة ما كان يعبد من دون الله.
وقال عنه عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة مريم آية: 48] . فيجب اعتزال الشرك وأهله بالبراءة منهما، كما صرح به في قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة آية: 4] ، والذين معه هم الرسل، كما ذكره ابن جرير.
وهذه الآية تتضمن جميع ما ذكره شيخنا رحمه الله، من التحريض على التوحيد، ونفي الشرك، والموالاة لأهل التوحيد، وتكفير من تركه بفعل الشرك المنافي له؛ فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد؛ فإنهما ضدان لا يجتمعان، فمتى وجد الشرك انتفى التوحيد.
وقد قال تعالى في حال من أشرك: {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [سورة الزمر آية: 8] ، فكفّره تعالى باتخاذ الأنداد، وهم الشركاء في العبادة؛ وأمثال هذه الآيات كثيرة، فلا يكون موحدا إلا بنفي الشرك، والبراءة منه، وتكفير من فعله.
ثم قال رحمه الله تعالى: الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وتكفير من فعله، فلا يتم مقام التوحيد إلا بهذا ; وهو دين الرسل،

الصفحة 204