كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

حال من قال الله فيهم: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [سورة الفرقان آية: 44] .
وقوله رحمه الله: ومنهم" وهو أشد الأنواع خطرا" من عمل بالتوحيد ولم يعرف قدره، فلم يبغض من تركه ولم يكفرهم، فقوله رحمه الله: وهو أشد الأنواع خطرا، لأنه لم يعرف قدر ما عمل به، فلم يجيء بما يصحح توحيده، من القيود الثقال التي لا بد منها، لما علمت أن التوحيد يقتضي نفي الشرك، والبراءة منه، ومعاداة أهله، وتكفيرهم، مع قيام الحجة عليهم، فهذا قد يغتر بحاله، وهو لم يجيء بما عليه من الأمور التي دلت عليها كلمة الإخلاص، نفيا وإثباتا.
وكذلك قوله رحمه الله: ومنهم من ترك الشرك وكرهه، ولم يعرف قدره; فهذا أقرب من الذي قبله، لكن لم يعرف قدر الشرك، لأنه لو عرف قدره لفعل ما دلت عليه الآيات المحكمات، كقول الخليل: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [سورة الزخرف آية: 26"27] ، وقوله: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً} [سورة الممتحنة آية: 4] .
فلا بد لمن عرف الشرك وتركه من أن يكون كذلك، من الولاء والبراء، من العابد والمعبود، وبغض الشرك وأهله، وعداوتهم، وهذان النوعان، هما الغالب على أحوال كثير ممن يدعى الإسلام، فيقع منهم من الجهل

الصفحة 209