كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما.
اعلم أن أعظم شهادة، وأفرضها على الخلق، قولا، وعملا، واعتقادا، ما شهد الله به لنفسه من اختصاصه بالإلهية، دون جميع خلقه، أزلا وأبدا، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة آل عمران آية: 18] . فكرر الشهادة به في هذه الآية; وأخبر أن ملائكته، وأولي العلم شهدوا له بذلك، جل وعلا; وأخبر عباده بهذه الشهادة، ودعاهم إلى أن يشهدوا له بها، قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [سورة النساء آية: 87] ، وقال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [سورة طه آية: 8] ، وقال: {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} [سورة القصص آية: 70] .
وأخبر أنه بعث بهذه الشهادة الرسل جميعهم، فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء آية: 25] ، فبين في هذه الآية وأمثالها كقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة المؤمنون آية: 32] ، أن الإلهية هي العبادة; فإن الإله هو المألوه الذي تألهه القلوب، محبة، وتعظيما، وتذللا، وخضوعا، وتوكلا، ورغبة إليه، ورهبة، وخوفا، ورجاء، وغير ذلك من أنواع العبادة.
وقال تعالى {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ

الصفحة 212