كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)
تتضمن النفي والإثبات، فلا يعرف ما نفت ولا ما أثبتت؛ هذا وهم فيما يقرءونه، ويقرؤونه في مذاهبهم، وما كانوا يتعاطونه من العلوم، لا يجهلون مثل هذا.
وكثير منهم له في علم المعقول اليد الطولى، فسبحان الله! كيف جهلوا من ذلك ما دعت إليه الرسل من توحيد الله، ونفي الشرك الذي نهوا أممهم عنه، كما هو صريح في القرآن، لا يخفى على من له أدنى فهم إن وفق لفهمه، فوضعوا الشرك موضع التوحيد، بالقبول والعمل، ووضعوا التوحيد موضع الشرك، بالإنكار على من دعا إليه وعداوته!
فبهذا يتبين لك معنى ما أخبر به النبي من قوله: " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدا ". 1 فلا غربة للإسلام أعظم من هذه الغربة التي عليها الأكثرون في هذه القرون المتأخرة; وقد ذكر العلماء" رحمهم الله" من أهل السنة والجماعة في معنى: لا إله إلا الله، وبيان ما نفته وما أثبتته، ما يفيد العلم اليقيني بمعناها الذي أوجب الله تعالى معرفته، وما تضمنته من النفي والإثبات.
قال الوزير: أبو المظفر في الإفصاح: قوله: شهادة أن لا إله إلا الله، يقتضي أن يكون الشاهد عالما بأنه لا إله إلا الله، كما قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [سورة محمد آية: 19] . قال: واسم الله مرتفع بعد { (إِلاَّ} [سورة محمد آية: 19] من
__________
1 مسلم: الإيمان (145) , وابن ماجه: الفتن (3986) , وأحمد (2/389) .
الصفحة 216
371